مسألة الزمن هذه لا تزال حتى الآن تحير وتدهش العلماء في جانب: كيف أن الأمم القديمة -مثل: السومريين والبابليين- استطاعوا أن يوجدوا نظاماً دقيقاً جداً على النظام الستيني, فيكون اليوم أربعاً وعشرين ساعة, والساعة تكون ستين دقيقة, والدقيقة تكون ستين ثانية؛ فهذه دقة يتعجب العلماء كيف عرفتها تلك الأقوام القديمة! إلا إذا عرفنا أن الله تبارك وتعالى برحمته وحكمته علمهم ما هو أعظم من هذا؛ وهو اللغة بذاتها -كما تقدم في لقاءات ماضية-، وكذلك الكتابة, ثم أيضاً الشعور بالزمن وحسابه.
صحيح أننا نشاهد أشياء عجيبة مدهشة محيرة في الدقة التي وصل إليها الأولون، إذا نظرنا بالنظرة المعاصرة؛ وهي أن العلم الحديث تقدم جداً في هذه الأمور، وأولئك لم يكن لديهم إلا وسائل بدائية جداً؛ لكن من ناحية أخرى إذا نظرنا أن الله سبحانه وتعالى أنعم على البشرية والإنسانية جميعاً بالوحي، وأنه أوحى إليهم ما يحتاجون إليه في عباداتهم -كما سار ذلك واضحاً جلياً في الإسلام- فإننا لا نستغرب أبداً وصولهم إلى هذه الحقائق.
الغريب هو الانحراف والخلل الذي يقع دائماً من الأحبار والرهبان والكهان والملوك؛ الذين يتدخلون في دين الناس وعباداتهم, فيحرفونها عن الطريق القويم.